التطفل الاجتماعي
لا أريد أن أزعم أن مجتمعنا من أكثر المجتمعات الإنسانية تطفلاً على الآخر، ولكن مشكلة التطفل السعودي أنه يتجاوز حد الاستمتاع بمتابعة الغير إلى التدخل في شؤون الآخرين.
نشرت إحدى الصحف المحلية خبراً عن ممرضة ارتدت حذاء رجل في موقع العمل وبناء عليه تم عقابها إدارياً، الشكوى جاءت من مواطن شك أنها رجل؟؟ السؤال بعد ان تأكد أنها سيدة هل يحق لكائن من كان ان يفرض عليها نوع حذائها في العمل؟؟ آخر يصر على متابعة تطليق سيدة من زوجها لأن الزواج باطل لعدم تحقيق شرط التكافؤ؟ في جانب آخر أصرت إحدى الأستاذات على رفض طالبة بسبب حواجبها وأخرى بسبب عباءة الكتف رغم أنها ليست عضوا في اللجنة؟ لا أريد ان استمر في عرض أشكال التطفل الذي يصل إلى التدخل في شؤون الآخرين ولكن أتساءل لماذا نمارس ذلك ولماذا نجد اذنا صاغية أحياناً عند الجهات المسؤولة؟ من حق الأجهزة الرسمية مثلاً ان تعاقب حين يمس الأمر الأداء الوظيفي أو المنظومة الأخلاقية للمجتمع وللمؤسسة أما غير ذلك فلا شأن لأحد بأحد؟ أعتقد ان ذلك ليس بسبب الفراغ وحسب بل لأننا نعطي بعض فرصة التطفل في شؤون بعضنا بعض إلى درجة ان بعضنا بات يؤمن بما يقوله الآخر أكثر من إيمانه بقناعاته الشخصية؟؟ أخشى ان ذلك شكل متقدم من غياب الحرية الشخصية لدى الفرد حيث يعتقد الكل ان له حق التدخل في الآخر، إلى درجة ان من حقنا ان نشاركه قرار الزواج وقرار اللباس وقرار التجميل وربما قرار اختيار الاسم لأبنائه، لأن غياب الحرية الشخصية بمفهومها السليم التي لا تضر بالآخرين شبه غائبة على كافة المستويات، وإلاّ لما وجدنا بعضنا يتدخل في لبس الآخر وبعضنا يتدخل في اختيارات الآخر من باب الوصاية وليس من باب المشاركة وابداء الرأي؟ نعم جميل ان تعطي رأيك لصاحبك أو قريبك والأمل ان تحترم اختياره وان اختلف معك. من أخطر الأشياء من الناحية النفسية والاجتماعية غياب الحرية الشخصية المتوازنة مع منظومة الواجبات والحقوق الاجتماعية لكافة مكونات المجتمع البشرية ونظمه خاصة الاجتماعية أو نظم الضبط الاجتماعي التي على الجميع الالتزام بها وليس ادراجها في منظومة العبادات كما يريد البعض. أتمنى ان نحترم الحرية الشخصية لكل مواطن وان نعمل سلوكياً على تحقيق هذا الاحترام بحيث لا نشكل قوة ضغط اجتماعي دائم على الفرد إلى درجة ان بعضنا مع تزايد غياب الحرية الشخصية في وطنه تجده يمارس تلك الحرية بشكلها السلبي حين سفره إذ نجد بعضنا خارج البلاد لا يحمل شيئا من شخصيته هنا سوى الاسم وجواز السفر فقط أما غير ذلك فلا شيء يمت لشخصيته بشيء. الأكيد أنه ليس من حق أحد ان يرفض قرارك في اختيار حذائك لأن ذلك يعني أنه قد يرفض قرارك في اختيار تخصصك الدراسي وقرار اختيارك عملك.. وربما قرارك في اختيار زواجك ليس وقت الخطوبة بل وبعد انجاب الأطفال؟؟ الحرية الشخصية جزء من اكسجين الحياة ان ضعفت أصيب أكثرنا بالعديد من الأمراض ليس في رئتيه بل في عقله وإرادته.
لذا يجب عدم التدخل في امور الأخرين في ارائهم ومقالاتهم وغيرها فكل له رائيه وليس عليه الأخذ بكلام الأخرين وشكرا لكم .